خمسة وظائف أساسیة للمرأة المسلمة الرسالیة
القسم لأول
أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمدالله رب العالمین
في البدء نرحب بأخواتنا الکریمات المومنات و المشایخ الکرام الذین جائوا مع الأخوات
نرحب بکم في مدینة قم المقدسة عش آل محمد صلی الله علیه و آله و سلم
نحن علی أعتاب میلاد السیدة الکریمة فاطمة المعصومة سلام الله علیها و الأخوات جئن لزیارة الإمام الثامن علی بن موسی الرضا علیه آلاف التحیة و الثناء و لزیارة السیدة فاطمة بنت موسی بن جعفر سلا م الله علیها و نسأل الله قبول الزیارة
و بالنسبة إلی ما تفضل به سماحة الشیخ في هذا النشاط الثقافي النسائي التطوعي في التعلیم و التربیة القرآنیة، یسرنا و لا شک أنه یقوم علی أساس التوجه لأداء الواجب و إن شاء الله یرضي قلب مولانا الإمام الزمان عجل الله تعالی فرجه الشریف
نشکر الأخوة القائمین علی جامعة المرتضی و قیامهم بهذا النشاط أیضا و العمل
هناک ملفات عدیدة یمکن في هذا الجمع الإنسان یتناول هذه الملفات
لکن من وحی الآیات القرآنیة العدیدة و الروایات و کذلک التحدیات الراهنة لنا و لأمتنا الإسلامیة بتصوري القاصر في عالم متنوع الحظارات و الثقافات نستطیع أن نرسم لا أقل خمسة و ظائف أساسیة للمرئة المسلمة الرسالیة أذکرها و أسرد هذه الوظائف و أستند إلی آیات قرآنیة.
ثم نذکر متطلبات هذه الوظائف الخمسة طبعا من باب التذکیر و إلا أتصور أن الأخوات و کذلک الشیخ الکریم یعرفون هذه المسائل.
المقاومة التربویة
بنظري القاصر أول وظیفة نسمیها، المقاومة التربویة في مجابهة الغزو الثقافي من أجل حفظ الهویة و الذات في عالم متنوع الحظارات و الثقافات و في عصر العولمة و العلمانیة و اللیبرالیة و الإباحیة الثقافیة أول شیئ ینبغي أن نفکر فیه في المهجر خصوصا و في البلاد النائیة حفظ أنفسنا و حفظ هویتنا و ثقافتنا و حفظ ذاتنا من الضیاع، من التهمیش، من التذویب و التمویع في الثقافات. هذا واجب شرعي و واجب قرآني أنا أسمیه المقاومة التربویة؛
استخدمت هذه اللفظ لعظمة المقاومة في الإسلام یقول الله تعالی في القرآن الکریم: « الذین قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل علیهم الملائکة» و قطعا یحصل الإمداد الإلهي أیضا خلال المقاومة التربویة.
«قوا أنفسکم و أهلیکم نارا وقودها الناس و الحجارة» أول شیئ، ینبغي أن نحفظ أنفسنا و نلتزم بالإلتزامات الإیمانیة نثقف أنفسنا بالثقافة القرآنیة، نتعلم الإسلام بشکل جید، نعتز بالإسلام نتمسک بالإسلام، لا نخجل أن نکون مسلمین ملتزمین بل تعتز بالإلتزام بالإسلام و جمیع مظاهر الإسلام.
خاصة الحجاب و العفاف في بلد المهجر و طبعا هذا الأمر یسبب العزة و الکرامة کما في روایة عن الإمام الحسن علیه السلام: « من أراد عزا بلا عشیرة و هیبة بلا سلطان، فالیلجأ من ظل معصیة الله إلی طاعته»
فأنا أول کلمة و أول شیئ أقول في العمل النسائي ما أسمیناه بالمقاومة التربویة؛ و أقصد من المقاومة التربویة حفظ الهویة و الذات في قبال الثقافات الأخری و أن نکون متمیزین و ممتازین بثقافتنا و بملاکاتنا
«ضرب الله مثلا للذین آمنوا أمرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندک بیتا في الجنة و نجني من فرعون و عمله و نجني من القوم الظالمین»
إمرأة فرعون التي کانت تعیش في ثقافة فرعونیة، ثقافة ظالمة، ثقافة إلحادیة، ثقافة متوفرة فیها أدوات العیش المادي و الرفاه المادي و الأمور التي تتخیل النساء لإمرأة تملک کل شیئ، لکن مع ذلک أول شیئ تطلبه من الله تبارک و تعالی «إبن لي عندک بیتا في الجنة» تطلب من الله أن تکون رفیقا له في الجنة و قریبة من الله تبارک و تعالی و لقاء الله تبارک و تعالی و لا ترجح شیئا علی لقاء الله تبارک و تعالی. لکن کیف یحصل هذا اللقاء الإلهی؟ أولا: «نجني من فرعون و عمله» من فرعون حتی لا یقتلها و تستطیع أن تستمر في عملها و مطلوبها ثم لا تذوب في ثقافة فرعون و عمل فرعون.
«و نجني من القوم الظالمین»
و بالفعل إستطاعت إمرأة فرعون من خلال المقاومة التربویة علی رغم أنها تعیش في عمق التربیة الإلحادیة الظالمة و في عمق بیت قائد الظالمین لکن مع ذلک حفظت هویها الإیمانیة و ذاتها الإیماني و لم تسترخی في الثقافات الأخری الظالمة.
فلذا أولا حفظ النفس شیئ مهم و نری أن الله تبارک و تعالی جعل هذه الإمرأة أسوة للرجال و للنساء.
«ضرب الله مثلا للذین آمنوا» هذه الأسوة و هذا المثل لیس للنساء فقط. هذا یعني المقاومة التربیة، یعني المرأة من خلال هذه المقاومة التربویة تستطیع أن تتحول أسوة للمجتمع الإنساني. خصوصا أننا نعیش حالة الغزو الثقافي العام أو الحرب الناعمة.
الحرب الناعمة یعني الهیمنة علی العقول و العولطف و تحویل الإنسان إلی جندي للعدوا.
تجنید الإنسان من خلال الشبکات التواصل الإجتماعي من خلال الفضائیات، من خلال إیجاد الشعور بالخجل من الإلتزام بالثقافیة الذاتیة الإنسانیة و أمثال ذلک.
فمواجهة هذا الغزو الشامل یستدعي برنامج ینصب علی إستراتجیة. عنوان هذه الإستراتیجیة المقاومة التربویة.
یعني کما الإنسان المقاوم المجاهد في الجبهة یقاوم العدوا، کما المقاومة تقاوم الکیان الصهیوني، بالسلاح بالحرب الصلبة، کذلک علی کل مسلم خصوص النساء المقاومة التربویة لأن المرأة مستهدفة.
کل إنسان یرتکب ذنب یسقط في هذه المقاومة و یتحول إلی جندي للشیطان
فلنلتفت أن لا نتحول جنود للشیاطین.
جنود للشیاطین من خلال إرتکاب الذنوب و المعاصي. هذه الوظیفة الأولی.
الجهاد التربوي
الوظیفة الثانیة و الرسالة الثانیة: الجهاد التربوي في بناء الإنسان المثالي. هناک عبارة معروفة؛ أن خلف کل رجل عظیم، إمرأة عظیمة. أو یقال: أن المرأة تهز بیدها مهد طفلها و بیدها الأخری تهز کیان العالم و المجتمع
هذه حقائق، المرأة بإمکانها أن تتحول إلی مجاهدة في العمل المنزلي و العمل الخارج من البیت أیضا.
لکن عن طریق الجهاد التربوي.
ما هو الفرق بین المقاومة التربویة و الجهاد التربوي؟
المقاومة التربویة، مقاومة من أجل حفظ النفس، البیت، الأسرة، الثقافة، الهویة، الذات
لکن الجهاد التربوي أن نجاهد من أجل هدایة الآخرین. من أجل تعلیم الآخرین. من أجل التوجه إلی الآخرین کی لا یذوبوا في الثقافات الأخری
و بعبارة أخری الدعوة إلی الله تبارک و تعالی.
هذا نسمیه الجهاد التربوي.
الدعوة إلی الله دعوة واجبة لکن لا بأسلوب الدواعش نقتل من لا یسلم لإسلام نرتئیه. عندما نقول الدعوة إلی الله کما یقول الباری تبارک و تعالی: «قل هذه سبیلي أدعوا إلی الله علی بصیرة أنا و من اتبعني و سبحان الله و ما أنا من المشرکین»
الدعوة إلی الله تحتاج إلی بصیرة، الدعوة إلی الله تحتاج أن الداعي یعرف الإسلام معرفة شمولیة و من هنا و من أجل الجهاد التربوي الذی ذکرناه سابقا ینبغي أن نتعرف علی الإسلام بشکل کامل.
العنصر الثاني من عناصر الدعوة إلی الله: ینبغي أن تکون هذه الدعوة لله، لا للنفس و لا للسلطة. الفرق بین الجهاد الإسلامي و الدعوة الإمبریالیة أن الأنظمة الإستعماریة ترید أن تستخدم الآخرین لأنفسها، لکن في الدعوة إلی الله، الإسلام یرید أن یجذب الناس إلی الله.
«أدعوا إلی الله علی بصیرة، إنا و من اتبعني»
الدعوة إلی الله کذلک علی أساس هذه الفقرة من الآیة الشریفة تحتاج قیادة، لا یمکن أن ندعوا إلی الله من دون قائد للأمة. کلمة أنا هنا لیست بمعنی الأنانیة و حب النفس بل هي بمعنی القیادة الإلهیة.
«و من اتبعني» الدعوة تحتاج إلی أتباع و قاعدة و مقبولیة. «...سبحان الله و ما أنا من المشرکین»
أو في آیة أخری:«أدع علی سبیل ربک بالحکمة و الموعضة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن»
«کونوا دعاة الناس بغیر ألسنتکم»
إذا کان بإمکان الأخوات و الأخوة أن یخلقوا بیئة صالحة في مجال التربیة، في مجال الإقتصاد، في مجال الإجتماع، في مجال العلاقات الأسرویة، هذه البیئة الصالحة هي تدعوا إلی الله تبارک و تعالی بشکل تلقائي. لا یحتاج أن نبین باللسان و ندعوا بالکلام. الیوم التبشیریین من خلال العمل التطوعي الخیري، من خلال مساعدة الفقراء، من خلال الأعمال الإجتماعیة البنائة، من خلال بناء المدارس یدعون الناس إلی مسلکهم و طریقتهم الدینیة المسیحیة.
نحن أیضا یوصینا الإسلام أن نکون دعاة بالعمل. إذا، الجهاد التربوي.
الوظیفة الثانیة في الجهاد التربوي، بناء الإنسان المتوازن. الإسلام یدعوا إلی التوازن. لا یحق بإسم الدعوة إلی الدین أن ندعوا إلی الرهبانیة. لا رهبانیة في الإسلام. لا التشدد و التزمت یجوز و لا أن نعیش دائما في المساجد و الحسینیات بلا عمل . الإمام علیه السلام یقول:« إن إمامتنا بالرفق. إن هذا الدین متین فلا توغلوه و إن إمارة بني أمیة بالتعسف و الظلم » ینبغي أن ندعوا إلی الإسلام من خلال بذل الجهود لبناء الشخصیة المتوازنة.
الإمام موسی الکاظم علیه السلام یقول المسلم ینبغي أن یقسم أوقاته، ساعة لربه و ساعة للمعاش و ساعة للتواصل الإجتماعي و العلاقات الإجتماعیة البنائة، «و لذة في محلل و بها یستطیع علی الساعات الثلاثة الأخری» مع أن الناس أقسام، الإفراط في العمل و العبادة و التواصل و قسم کل حیاته یصرفه في اللهو و اللعب. هذا لایجوز. التوازن امر مهم.
