قوتنا في إجتماعنا و ضعفنا في تفرقنا
💠 کلمة موجزة لآية الله الشيخ عباس الكعبي في لقاء مجموعة من المعلمين و المثقفين الذين وفدوا للقاء سماحته في مكتبه في الأهواز
قوتنا في إجتماعنا و ضعفنا في تفرقنا
للعلاج و رقي المجتمعات هناک أولويات و هذه الأولويات تشبه أولويات الأطباء. الأطباء عند تطبيق الطب يراعون الأولوية بملاحظة الألم و يجعلون الدواء بتناسب الداء و الألم. النبي الأعظم محمد المصطفى أيضا طبيب دوار بطبه و هذا هو الإسلام.
السوال الذي يطرح نفسه هنا هو هذا السؤال: في خوزستان و مناطقنا العربية، ما هي الأولوية للقضاء على المشاكل و المحن و الآلام و ما هو السبيل الى التقدم و الرقي و صناعة المستقبل الزاهر؟ أى جانب من جوانب الإسلام ينبغي أن نعتني به أكثر من الآخر؟
هناك بدل الإسلام عندنا في عالم اليوم يعبرون عن إسلامات: إسلام سياسي، إسلام إجتماعي و إسلام ليبرالي و إسلام جهادي و...
الإسلام الإجتماعي
برأيي القاصر الوصفة الطبية التي تتناسب مع مجتمعنا اليوم الإسلام الإجتماعي. لماذا؟ لأن قوتنا في الإجتماع و مجتمعنا مجتمع أصيل متكون من مجموعة قبائل. نحن من دون تنظيم سياسي نجتمع بسرعة. مجتمعنا، مجتمع مواساة و تلاحم و تعاطف.
القوة الإجتماعية تصنع القوة الإقتصادية و القوة الثقافية و القوة السياسية و باقي القوى.
فلذا قوة مجتمعنا في الاجتماع.
ما نحتاجه
أحد عناصر قوة الاجتماع، التواصل و هذا موجود. لكن نحن نحتاج الى تعاون و نحتاج الى رسم خطوط حمر و تفقه و قانون و فقه.
و إلى جنب التفقه نحتاج الى تشاور
"و أمرهم شورى بينهم"
الى جنب التشاور نحتاج الى ترشيد و تعلم.
نحن اليوم نملك التواصل بقوة و لابد أن نبرز العناصر الأخرى أيضا لنتقدم. لنركز على التعاون و التفقه و رعاية الشرع و القانون و علينا أن نتشاور في جميع أمورنا و نقضي على الفوضة و أن نهتم بالنظام العام في حياتنا و ترشيد مجتمعنا وفق خطة إنمائية، شاملة نتكاتف من أجل تطبيقها بكل ثقلنا الإجتماعي و السياسي و النخبوي و البشري
الآفات الإجتماعية
و عندنا نقاط ضعف أيضا
من ضمن نقاط ضعفنا:
كل يفكر بنفسه و يتحرك من منطلق نفسه و مصلحته الشخصية مما يجعلنا متأخرين و متخلفين بالقياس إلى غيرنا بدل أن نتقدم و نقضي على المشاكل و المحن.
الإشكال الثاني البعض يستغلون الوزنة الإجتماعية عن طريق الخداع و هذا المثل رايج عند العرب (شيم العربي و أخذ عبائته)
ثالثا مجتمعنا مجتمع عاطفي: طبعا الجانب العاطفي الوحدوي و التعاوني ميزة لكن نقصد هنا الإنفعال العاطفي. أحيانا مجتمعنا بسرعة يستفز و ينفعل و المجتمع العاطفي الإستفزازي الصرف الذي يفزع بسرعة حتى في الشر و الإثم و العدوان لم و لن يتقدم.
رابعا (خيرنا لغيرنا و شرنا علينا) يعني في مشاكلنا نراجع رموزنا الناشطة و لكن إمكانياتنا المالية و الخيرية تصب في إتجاه معاكس لنمو مجتمعنا و التفاخر و التكاثر و التنافس السلبي
الحل
بنظري القاصر
أولا الحل في النهوض الثقافي و الاهتمام بالتعليم و التربية للجيل الجديد و شبابنا العزيز و تحريضهم على الحركة العلمية الدئوبة و إسنادهم في ذلك
ثانيا في مجال القضاء على البطالة و الحرمان، تفعيل القطاع الخاص و حركة الاستثمار بتوجيه صحيح و التركيز على تنشيط الغرف التجارية و جلب المستثمرين و تنفيذ خطة الاقتصاد المقاوم و الإكتفاء الذاتي و صناعة القوة الإقتصادية حسب توجيهات قائدنا الإمام الخامنه اي دام ظله
و ثالثا جعل حد لإنهاء الصراعات و النزاعات العشائرية و القبائلية اللتي لا طائل تحتها و النهوض نحو ثقافة إجتماعية فاعلة بدل ثقافة القتل و النهب و "الثَأر" ثم حل المشکلة بفصل عشائري و هذا من أبرز مصاديق التعاون على الإثم و العدوان و هذا الجانب يضرنا و يسلب منا الأمن و الراحة و نفتقد آلية الحركة الإنمائية كما أن البعض ممن يحملون الحقد و الكراهية علينا عند ذلك يسخرون منا حسب المثل الرائج (نارهم تاكل حطبهم) فالفصل لكفاف الشر لا لتهيئة الأجواء لشر أكبر.
لابد هنا ان نشیر الی مسالة هامة جدا
و هو (ان الدور القضائي) الحكومي يجب ان يكون فاعلا بحيث يتدخل القضاء لفصل النزاعات والخلافات طبق الموازين الشرعية والقانونية بقوة وحزم لحفظ النفوس واستتباب الامن و لكف الشر والعدوان واماايكال الملفات الكبرى القضائية الى العرف العشائري من غير تدخل حكومي يسبب الجرأة على اراقة الدماء وسفكها ظلما و عدوانا والخلافات تبقى اكثرا تعقيدا كما هو الان مع الاسف الشديد.
رابعا تفعيل دور النخب و الكوادر و بناء كوادر نشطة هذه الكوادر تؤدي دورا مهما في المجتمع لا ننعني ببناء الكوادر التركيز على الكوادر السياسية اللتي تجيد حرفة الصعود على الكراسي و المناصب عن طريق جلب عواطف الناس و فرصة الإنتخابات بل نعني بناء كوادر تتمكن من أداء دور مؤثر و مهم في صناعة المجتمع الصالح القوي الآمن المتقدم و أداء خدمات عامة.
خاصة أن فرصة الحركة الاقتصادية و ريادة الأعمال و صناعة العمل للعاطلين عنه و الساعين من أجله متهيئة في مجتمعنا أكثر من باقي المجتمعات. إن تنشيط القطاع الخاص في محافظة خوزستان هو الحل للقضاء على البطالة و الحرمان و هذه الفرصة متوفرة لدينا أكثر من المحافظات الأخرى شريطة الوعى الإقتصادي و الحرفي و التسابق بكسب المهن و الفنون و تأسيس شريكات إقتصادية عصرية متنوعة
النتیجة
خطابي إلى الشباب. أيها الشباب الأعزاء لا تيأسوا، تحركوا، أعملوا، فكروا، توكلوا على الله فإننا اليوم نمتلك أدوات التقدم شريطة توظيفها لإنماء مجتمعنا.
الزمان لصالحنا و المكان لصالحنا و القوة الإجتماعية لصالحنا و الشباب و الكوادر الاجتماعية و الاسلامية أيضا موجودة لصالحنا.
ينقصنا شيئ واحد و هو الأمل بصناعة المستقبل و الحركة بوعى و عقلانية و حكمة و صبر و الإستقامة لمواصلة الطريق و الإبتعاد عن حركات التطرف اللتي تدعم من قبل أعداء العرب و المسلمين المتحالفين مع الصهاينة باسم العروبة كآل سعود فإنهم اليوم يضروننا.
يا شبابنا الأعزاء اطمئنوا أن الطريق مفتوح للتقدم و لا يوجد طريق مسدود و كل مشاكلنا قابلة للحل لا لليأس و لا للإعتزال. علينا جميعا أن نتواجد في الساحة و بالعمل و الأمل و الوحدة و التكاتف و في ظل الجمهورية الاسلامية و على الرغم من الواقع الصعب الذي نعيشه بإمكاننا أن نستفيد من الفرص المتاحة و إمكانيات مجتمعنا بفتح طريقنا الى الامام من دون كلل و ملل ببركة الايمان و الإصغاء الى المرجعيات و الرموز الفكرية و الإجتماعية و الأخلاقية المتواجدة بين ظهرانينا و بين شعبنا المعروفين.
و نسأل الله التوفيق
و صلى الله على محمد و آله الطاهرين
- ۹۷/۰۶/۰۲